يقولون ان انسانا من هذه الدنيا كان كل همه اسعاد البشرية ، فكان كل يوم يجول فى الطرق والاروقة والساحات يسمع مايقوله الناس ومايريدونه ويطمحون فيه . وذات يوم منح الله هذا الانسان ملكا ومالا ومكانا ومكانة ففرح الانسان صاحب قصتنا فرحا شديدا بهذا العطاء الربانى وتأكد ان الله اعطاه هذا المنح الالهى كى يحقق مايسعى اليه الا وهو اسعاد البشرية جمعاء . ففى اول يوم له فى ملكه وحكمه جمع ناسه وحاشيته وذكرهم بما سمعه عندما كان يتحسس احوال الناس ويرغب فى معرفة مايريدونه ويحبونه فى هذه الدنيا . وحينما سمعته حاشيته اسقط فى يدهم وقالوا له لانستطيع ان نوفر كل شىء لكون كامل ، كل مانقدر عليه المحيطون بنا فالاقرب والاقرب ، واستجاب لهم محب الخير واعطاهم كل مايطلبون من اجل تحقيق السعادة التى يريدها ان تعم البشرية ، ومضى اسبوع فشهر وحاشيته تطمئنه بان السعادة تسرى فى هذه البقعة من الارض فأراد ان يرى بنفسه كيف تحققت السعادة فمضى بين الناس ، واستمع لهم، ووجد ان الامر كما كان عليه ؛ فهم يشكون من عدم الانجاب ؛ ومن المرض ، ومن الفقر ومن نقص فى كل شىء.. وحينها حزن الانسان محور حديثنا وعاد الى مملكته وجمع حاشيته وصال وجال واتهمهم بالكذب والخداع ؛ ونهب امواله ، وعدم توزيعها على مفتقدى السعادة الذين من اجلهم وهبه الله ماوهبه من ثراء وسلطان ، وهددهم كلهم بالسجن اذا لم يعترفوا ويقولوا اين ذهبت امواله ، وهنالك انبرى احدهم وقال له يشهد علينا الله اننا طرقنا ابواب الفقراء فاعطيناهم ، والمحتاجين فمنحناهم، وبنينا جوامع ، وكنائس ، ومدارس ومستشفيات ، ولم نبخل بأى شىء فهذه هى معلوماتنا عن العوز والمحتاجين وهذا مافعلناه من اجل سد رمق السائلين وعون المحتاجين ، وقاطعه صاحب الامر وقال ولكن الناس ليسوا سعداء فهم لازالوا يشتكون ومستمرون فى اظهار حزنهم وضياع امالهم؛ اذن اين السعادة التى منحتموهم اياها؟ فردوا عليه بصوت واحد : كثيرون من اهل الارض سعادتهم ليست بايدينا ، فمنهم من خلق عقيما وهو حزين تعيس ولن يسعد الا بالانجاب ؛ ونحن لن نستطيع ان نعطيه مالانملكه فهذه منح ربانية يهبها لمن شاء فى انجاب اناث وذكور او تزويجه ذكورا واناسا ، والبعض سعادته فى متاع الدنيا من مال ونساء ومناصب وهؤلاء مهما اعطيتهم لايشبعون ولا يسعدون سعادة مستمرة فهم كمن يشرب من البحر كلما نهل ازداد عطشا ؛ ولذلك فنحن ننأى بأنفسنا عن مد ايدينا لهذه النوعية ، وهناك من سعادتهم بعافية وقوة ترهب الناس ويستغلونها للتعالى والسلطة والسطوة وهذه النوعية ان اعطيناها ماتبغى فقل على الدنيا السلام . وهناك نوعيات من البشر سعادتهم فى نفض اثار الفقر نهائيا عنهم وتحولهم من النقيض الى النقيض وهؤلاء يامولانا ان اعطوا ظلموا وفسقوا وزادوا تيها وعربدا ..فلابد ان نعطهم بقدر وحساب . وانت تعلم كل العلم ان للسعادة مقادير ومقدار فهى لاتمنح بلا حساب ولاتمنع بلا ثواب وعقاب ...وبينما هو يصرخ فى حاشيته ويصب عليهم جام غضبه وهم يدافعون عن انفسهم سمع صوت رجل عجوز ينشد ويقول .. واهب الحياة قادر على اسعاد من فيها ومع ذلك لم يعطهم ماتمنوه منها وليها .. الدنيا دار عبور وليست مستقر لنسعد فيها .. اجمع فيها عملا طيبا وارحل منها لتسعد فى دار الحق بانيها..
مكيال راحة بال وشوية صبر وايمان يخلوك اسعد من فيها...ياطالب الدنيا مهما خت منها تعيش اد متعيش وانت ضيف عليها.. قول للى عاوز السعادة يرضى ربه فيرضيه وميخليش همه الدنيا ومن فيها..
وقبل ان يصدر صاحبنا اوامره باحضار هذا العجوز ليعرف منه كيف اوتى هذه الحكمة التى غابت عنه رغم كونه كان يهدف لخير البرية بكل ماعليها فاضت روحه لخالق الدنيا وردد من حوله حكمة ان مقادير السعادة الرضا بما كتب الله لنا منها وبها وفيها ..